كيف تجعل كورونا موظفك الجديد في التسويق؟

Mar 26, 2020

في عالم التسويق هناك سلوك اتصالي يمكن وصفه بـ "الركوب على الموجة" أو "استثمار الحدث"، كان قديماً يرتكز على الأحداث الدورية، ومؤخراً صار يرتكز على الأحداث التي تشغل الرأي العام من أجل التسويق للمؤسسة أو لمنتجاتها ومشاريعها، أو لإبقاء اسمها حاضراً في الفضاء الاتصالي لدائرة اهتمامها.

خصوصية هذا السلوك تكمن في أنه عاجل ويحتاج لجهوزية وسرعة بديهة، وتخصيص ميزانية مسبقة لمثل هذه الأعمال من قبل القائم على الاتصال.

وعلى الرغم من أن التكنولوجيا تُتهم عادةً بالإساءة إلى التواصل المباشر، إلاّ أنها تمكنت من تلميع صورتها بفضل أزمة فيروس كورونا المستجد والحجر الصحي، إذ أضحت لوحدها توفر الإمكانيات اللازمة للمؤسسات لإنجاز وتسيير أعمالها عن بعد، وباتت إجراءات العزل ولا سيما في المدن الكبيرة أمراً ميسوراً مع إمكانية العمل من المنزل.

في هذا المقال سنسلط الضوء على أهم النقاط التي يُنصح المؤسسات/الجمعيات الخيرية والإنسانية باتباعها، لتتمكن من التواجد والبقاء في واقعها الافتراضي خلال هذه الأزمة، والذي يعد الغياب عنه في مثل هذه الحالات أكثر خطراً من الغياب عن الواقع الميداني، إذ أن الغياب يعني بالضرورة نقصان وتراجع في دائرة الانتشار الرقمي، وبالتالي تراجع المؤسسة/الجمعية على مستوى الصورة والحضور، ولتتمكن أيضاً من استثمار هذا الحدث بأفضل طريقة ممكنة على الصعيد التسويقي لها ولخدماتها، وذلك على النحو الآتي:

1. ضرورة عدم الغياب عن ساحة العمل الإعلامية.

لتحقيق ذلك، يتوجب على المؤسسات/الجمعيات أن تبقى فاعلة ونشطة على منصاتها الإعلامية، من خلال نشر مواد عمل الجمعية وربطها بالأزمة الحالية، بحيث تروج لمنتجاتها من خلال الأزمة التي تشغل الرأي العام.

مثال: ربط انتشار الوباء (فيروس كورونا) وأثره في تعريض حياة الأسر التي تعاني أصلاً من أزمات إنسانية لخطر الإصابة وربما الوفاة، بسبب قلة الإمكانيات والمقومات التي تساعدها على حماية نفسها من خطر هذا الوباء، بحيث يتم إبراز ذلك من خلال فيديوهات أو تصاميم توضح الحالة، ونشرها من خلال منصات المؤسسة/الجمعية باستمرار، بما يحقق هدفي الحضور والانتشار.

2. ضرورة موائمة مشاريع المؤسسة بما ينسجم مع الشاغل العام للناس.

لتحقيق ذلك، يجب أن تكون مشاريع المؤسسات/الجمعيات منسقة ومنسجمة مع الحدث المتعلق بانتشار فيروس كورونا، بحيث ترسل هذه المشاريع إلى الجهات المعنية متضمنةً تعليمات الصحة والسلامة الهادفة إلى الحماية من الإصابة بهذا الفيروس.

مثال: أن يتم عمل حقيبة مشاريع إلكترونية بهدف الاستمرار في التسويق لعصب المؤسسة (المشاريع) عن بعد، بحيث تتضمن هذه الحقيبة كتيباً خاصاً بتعليمات الصحة والسلامة الخاصة بفيروس كورونا، وإرسالها إلى الجهات المستهدفة، أو أن توضع هذه التعليمات في نهاية كتيب كل مشروع، بحيث تكون هذه المشاريع في صياغتها وتنفيذها مواكبة للحدث المسيطر على أذهان الناس.

3. التواصل مع الشركاء والاطمئنان على سلامتهم وبحث إمكانية التعاون في تنفيذ المشاريع في الأماكن دون الاضطرار للتنقل.

من الضروري ألاّ تنسينا الأزمة أهمية التواصل الشخصي مع الشركاء والاطمئنان على صحتهم وعوائلهم قبل الدخول في تفاصيل الأعمال المشتركة، وسيكون الأمر فرصة لبحث آفاق التكامل بين المؤسسات باعتبار تباعد الجغرافيا في مساحات العمل والنفوذ، وهذا يتحقق من خلال الاستعانة بفريق عمل مؤسسة آخر لتنفيذ مشروع معين، بدلاً من تخصيص فريق عمل جديد يكون مضطراً إلى التنقل في ظل هذه الأزمة، بما يعرضهم لخطر الإصابة بالفيروس.

مثال: مؤسسة ترغب في تنفيذ مشروع في دولةٍ ما لا يتواجد بها فريقها. من خلال التواصل مع الشركاء يمكن لهذه المؤسسة تنفيذ مشروعها عبر فريق المؤسسة الشريكة، بما يحقق هدف تنفيذ المشروع عن بعد، دون الاضطرار للتنقل.

4. التواصل مع المتبرعين والمحسنين والاطمئنان على سلامتهم دون طلب التبرع منهم.

وهذا يتطلب من المؤسسات/الجمعيات بغية الحفاظ على علاقاتها أن تستمر في التواصل مع المتبرعين والمحسنين دون انقطاع، مع ضرورة التركيز على التواصل الاجتماعي الهادف إلى تقوية العلاقات على حساب التواصل المهني الهادف إلى جمع التبرعات، إذ أن الناس في مثل هذه الأزمات تكون مشغولة بالإجراءات الهادفة للحفاظ على سلامتها، ما يتطلب من المؤسسات أن تخاطبهم وفق حدود هذا الحدث.

مثال: أن تتواصل المؤسسات مع المتبرعين والمحسنين من خلال الواتس أب، أو عبر تقنية الفيديو للاطمئنان على سلامتهم وسلامة عائلاتهم، بما يعزز من الروابط الاجتماعية، ويمنع انقطاع المؤسسة في الحالات التي يكون فيها التواصل لأهداف غير مهنية.

وعلى الرغم من أن المؤسسات اعتادت على التواصل من خلال قوائم الإرسال، إلا أننا نحث المؤسسات على التواصل الفردي خلال فترة الأزمات وبالأخص في هذه الأزمة، إذ أن التواصل من خلال القوائم قد لا يؤدي الغرض، خاصةً إذا كان أحد المحسنين أو المتبرعين قد أصيب هو أو أحد عائلته –لا سمح الله- بالمرض، مما يجعل هذا النوع من التواصل غير ذي جدوى، في حين أن التواصل المباشر وإن كان أكثر مشقة، إلا أنه أكثر نفعاً على صعيد التواصل الاجتماعي وتوثيق العلاقات.

5. إبقاء التواصل مع المسوقين وفريق العمل والتأكد من تواصلهم مع جمهورهم.

وذلك من خلال الاتفاق المسبق على التطبيقات وأدوات التواصل بين مسؤول المؤسسة وأعضاء فريقه، بحيث تبقى المؤسسة على تواصل مستمر واطلاع على سير العمل وكيفية إنجاز الأعمال، وكذلك وضع الحلول لأي مشكلات قد تعيق إنجاز العمل.

مثال: استخدام تطبيقات التواصل مثل تليجرام للتواصل مع أعضاء المؤسسة، من خلال عمل مجموعة مشتركة يتم فيها الحديث عن كل شيء له علاقة بالعمل، وفي نهاية كل يوم يقوم الجميع بتقييد الأعمال التي أنجزت من خلال تطبيق أسانا على سبيل المثال، بما يضمن استمرار عمل المؤسسة عن بعد وتحقيق الأهداف المرسومة من قبل المؤسسة.

وفي الختام يمكن للمؤسسات/الجمعيات وخاصةً تلك القائمة على العمل الخيري والإنساني، أن تستثمر الحدث الهام في هذه الأيام والمتعلق بانتشار الوباء العالمي "فيروس كورونا" في جميع أنحاء العالم، للتسويق للمؤسسة ومشاريعها ومنتجاتها من خلال اتباع النقاط السابقة، الأمر الذي سيمكّن المؤسسات بلا شك من الاستمرار والتقدم في عملها وإنجاز مهامها، وسيساعدها على تحقيق أهدافها على الصعيد الإغاثي، التنموي والمالي.

كلمات مفتاحية

  • العمل عن بعد
  • التسويق
  • كورونا
  • أزمة
  • استثمار
  • الجمعيات الخيرية